Are American High School Certificates Recognised by Australian Universities?
- 2024-12-29 12:48:56
انتهى الشيخ مصطفى إسماعيل من تلاوته الأخيرة للقرآن بمسجد «البحر» بدمياط بحضور الرئيس السادات، ثم توجه إلى مسكنه الصيفى بالإسكندرية، وفجأة أصابته جلطة بالمخ، انتقل بسببها إلى المستشفى الجامعى بالإسكندرية
انتهى الشيخ مصطفى إسماعيل من تلاوته الأخيرة للقرآن بمسجد «البحر» بدمياط بحضور الرئيس السادات، ثم توجه إلى مسكنه الصيفى بالإسكندرية، وفجأة أصابته جلطة بالمخ، انتقل بسببها إلى المستشفى الجامعى بالإسكندرية، فى 22 ديسمبر 1978، وفقا لجريدة الأهرام يوم 24 ديسمبر 1978، وعقب دخوله إلى المستشفى أصيب بنزيف فى المخ ثم توفى بعد ظهر يوم 26 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1978، ودفن فى قريته «ميت غزال» مركز السنطة بمحافظة الغربية يوم 28 ديسمبر.
كانت وفاته بمثابة «إسدال الستار على المشهد الأخير فى مسيرة أعظم من تغنوا بالقرآن بين قراء العصر الذهبى لدولة التلاوة»، حسبما يذكر الدكتور نبيل حنفى محمود فى كتابه «نجوم العصر الذهبى لدولة التلاوة»، وختاما لحياة مقرئ فذ، قال عنه الكاتب الصحفى كمال الملاخ فى الأهرام يوم 27 ديسمبر 1978: «كان الشيخ مصطفى إسماعيل يقتنى مكتبة موسيقية كبيرة، ويجيد العزف على العود والبيانو والكمان، فقد كان من رأيه أن مرتل القرآن لا بد أن يتعلم الموسيقى والنغم».
كان هو والشيخان محمد رفعت وأحمد ندا «الثلاثة الذين ارتفعوا إلى القمة فى دولة التلاوة ولم يصل إليهم أحد»، بتقدير الكاتب الساخر محمود السعدنى فى كتابه «ألحان السماء»، ويذكره الكاتب يحيى عاصم فى رسالة إلى السعدنى، منشورة فى نهاية كتاب «ألحان السماء»، قائلا: «إذا كان لكل من الشيوخ القراء: محمد رفعت، والبهتيمى، والمنشاوى وشعيشع وآخرين أسلوبه الخاص، فذلك الأسلوب إنما هو أسلوب واحد لا غير، أسلوب جميل ولكنه أسلوب واحد ووتيرة واحدة، أما مصطفى إسماعيل فقد كان مجموعة كبيرة من الأساليب، وكان متمكنا من الألحان والأنغام إلى حد لم يضاهيه أحد فيه، وكان يتلاعب فى الألحان والأنغام، وقد سألت أنا ذات يوم عملاقا آخر فى ميدان آخر ذا صلة وثقى بألحان السماء عن أحسن قارئ للقرآن، فكان جوابه: مصطفى إسماعيل، ومفيش غيره، هذا ما قاله لى محمد عبدالوهاب، مطرب الملوك والأمراء والصعاليك والغلابة فى كل مكان».
ولد مصطفى إسماعيل عام 1905، بقرية «ميت غزال»، وحفظ القرآن فى القرية، ووفقا للزميل الكاتب الصحفى عبدالحفيظ سعد فى «مذكرات الشيخ القارئ مصطفى إسماعيل» المنشورة فى «الأهرام المسائى» يوم 22 أغسطس 2009: «كان الشيخ إسماعيل جد الصبى هو أول من اكتشف جمال صوته، فطلب إلى الشيخ إدريس فاخر وهو عالم فى القراءات من أبناء القرية أن يعلمه فن التجويد وأحكام القراءات»، ويشير «سعد» إلى أن لحظة التحول الأولى فى حياة مصطفى إسماعيل كانت حين اصطحبه جده فى زيارة لطنطا، وقرأ قبل صلاة الظهر، فبهر الحاضرين كان بينهم طالب بالمعهد الأحمدى بمسجد سيدى أحمد البدوى، فاقترح على الجد أن يلحقه بالمعهد ليتعلم القراءات وفنون التجويد.
أما لحظة التحول الثانية فكانت حين قرأ وعمره ستة عشر عاما مع بعض المشاهير فى مأتم «حسن القصبى» عضو مجلس الشيوخ عن طنطا، وامتلأ سرادق العزاء بالحضور يتقدمهم سعد باشا زغلول، وكانت هذه الليلة فاتحة خير على الوافد الجديد إلى دولة التلاوة، وبعدها تعددت المناسبات التى شارك فيها، حتى كان إحداها فى مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى بحى المغربلين بالقاهرة، وبدأ التلاوة فيها بعد منتصف الليل بنصف ساعة حتى أذان الفجر فى الساعة الثالثة والنصف صباحا، وكانت تلك الليلة شهادة ميلاد نجم جديد فى دولة التلاوة وبعدها استقر فى القاهرة.
كان صوت الشيخ مصطفى إسماعيل فى نهاية الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات فى أوج قوته وجماله وتألقه، بتأكيد نبيل حنفى محمود، قائلا: «كان صوته متراميا يمتد على أكثر من ديوانين كاملين، والديوان هو سلم موسيقى يتكون من ثمانى درجات موسيقية، أدناها قرار النغمة وأعلاه هو الجواب، فإذا ما استند صوته الباذخ المساحة إلى قدرة فائقة فى الانتقالات المقامية، فإن فى وسعه أن يصنع الأعاجيب».
وعن مقدرته الأخاذة والتلوين النغمى، يذكر الناقد والمؤرخ الموسيقى كمال النجمى فى كتابه «أصوات وألحان عربية»: «سمعته مرة يتحزن فى تلاوته، فسمعت نغمة الصبا المعروفة بالحزن فى الألحان العربية تنبعث من حنجرته كأنها منغمسة فى دموعه، ثم بلغ آيات تقتضى الحماسة فى الأداء، فإذا بنغمة «الراست» تتفجر كقرع الطبول، فانتقل الشيخ الفنان القدير من الحزن والوداعة إلى القوة والحماسة فى طرفة عين».
يذكر نبيل حنفى محمود، أن لحظة التحول الحاسمة فى حياة مصطفى إسماعيل كانت مع نقل الإذاعة تلاوته لأول مرة فى أبريل 1943 من سرادق ضخم أقيم بجوار مسجد الرفاعى فى القاهرة احتفالا بذكرى وفاة الملك فؤاد، وبعدها أصبح واحدا ممن يستعين بهم القصر الملكى فى إحياء الليالى الرمضانية التى يقيمها من أمام قصر رأس التين بالإسكندرية عامى 1945 و1946، ثم من أمام قصر عابدين عام 1947، وارتفعت أسهمه فى دولة التلاوة، ولدى القصر الملكى والناس.